الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

{ أَلَمْ يَرَوْاْ } ألم يعلموا، وهو معلق عن العمل في { كَمْ } لأن كم لا يعمل فيها عامل قبلها، كانت للاستفهام أو للخبر لأنّ أصلها الاستفهام، إلا أن معناه نافذ في الجملة، كما نفذ في قولك ألم يروا إن زيداً لمنطلق، وإن لم يعمل في لفظه. و { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } بدل من { كَمْ أَهْلَكْنَا } على المعنى، لا على اللفظ، تقديره ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم. وعن الحسن كسر إنّ على الاستئناف. وفي قراءة ابن مسعود «ألم يروا من أهلكنا» والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال، وهذا مما يردّ قول أهل الرجعة. ويحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له إن قوماً يزعمون أنّ علياً مبعوث قبل يوم القيامة، فقال بئس القوم نحن إذن نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه. { لَمَّا } قرىء «لما» بالتخفيف، على أن ما صلة للتأكيد، وإن مخففة من الثقيلة، وهي متلقاة باللام لا محالة. ولمّا بالتشديد، بمعنى إلاّ، كالتي في مسألة الكتاب. نشدتك بالله لما فعلت، وإن نافية، والتنوين في { كُلٌّ } هو الذي يقع عوضاً من المضاف إليه، كقولك مررت بكل قائماً. والمعنى أن كلهم محشورون مجموعون محضرون للحساب يوم القيامة. وقيل محضرون معذبون. فإن قلت كيف أخبر عن كل بجميع ومعناهما واحد؟ قلت ليس بواحد؟ لأنّ كلاً يفيد معنى الإحاطة، وأن لا ينفلت منهم أحد، والجميع معناه الاجتماع، وأن المحشر يجمعهم. والجميع فعيل بمعنى مفعول، يقال حي جميع، وجاؤا جميعاً.