الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ }

هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار، وارد على المثل السائر
إيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَهْ   
ونحوه قوله تعالىأأنت قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى وَأُمّىَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } المائدة 116 وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير، والغرض أن يقول ويقولوا، ويسأل ويجيبوا فيكون تقريعهم أشدّ، وتعبيرهم أبلغ، وخجلهم أعظم وهو أنه ألزم، ويكون اقتصاص ذلك لطفاً لمن سمعه، وزاجراً لمن اقتص عليه. والموالاة خلاف المعاداة. ومنها اللَّهم وال من والاه، وعاد من عاداه. وهي مفاعلة من الولي وهو القرب، كما أنّ المعاداة من العدواء، وهي البعد، والولي يقع على الموالي والموالى جميعاً. والمعنى أنت الذي نواليه من دونهم، إذ لا موالاة بيننا وبينهم، فبينوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفار براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم لأنّ من كان على هذه الصفة كانت حاله منافية لذلك { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } يريدون الشياطين، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. وقيل صوّرت لهم الشياطين صور قوم من الجن وقالوا هذه صور الملائكة فاعبدوها. وقيل كانوا يدخلون في أجواف الأصنام إذا عبدت، فيعبدون بعبادتها. وقرىء «نحشرهم» ونقول، بالنون والياء.