الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

{ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } كلمة جامعة لما لا غاية وراءه من المضارّ. لأنّ من كان ضاره كفره فقد أحاطت به كلّ مضرّة { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } أي يسوّون لأنفسهم ما يسوّيه لنفسه الذي يمهد فراشه ويوطئه، لئلا يصيبه في مضجعه ما ينبيه عليه وينغص عليه مرقده من نتوء أو قضـض أو بعض ما يؤذي الراقد. ويجوز أن يريد فعلى أنفسهم يشفقون، من قولهم في المشفق أمّ فرشت فأنامت. وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على أنّ ضرر الكفر لا يعود إلا على الكافر لا يتعدّاه. ومنفعة الإيمان والعمل الصالح ترجع إلى المؤمن لا تتجاوزه { لِيَجْزِىَ } متعلق بيمهدون تعليل له { مِن فَضْلِهِ } مما يتفضل عليهم بعد توفية الواجب من الثواب وهذا يشبه الكناية، لأن الفضل تبع للثواب، فلا يكون إلا بعد حصول ما هو تبع له أو أراد من عطائه وهو ثوابه لأن الفضول والفواضل هي الأعطية عند العرب. وتكرير { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } وترك الضمير إلى الصريح لتقرير أنه لا يفلح عنده إلا المؤمن الصالح. وقوله { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } تقرير بعده تقرير، على الطرد والعكس.