الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ }

هذه الآية في معنى قوله تعالىيَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ } البقرة 276 سواء بسواء، يريد وما أعطيتم أكلة الربا { مِـّن رِباً لِّيَرْبُوَاْ فِىۤ } أموالهم ليزيد ويزكو في أموالهم، فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه { وَمَآ ءَاتَيْتُم مِّن زَكَٱوةٍ } أي صدقة تبتغون به وجهه خالصاً، لا تطلبون به مكافأة ولا رياء وسمعة { فَأُوْلَٰۤـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } ذوو الإضعاف من الحسنات. ونظير المضعف المقوى والموسر، لذي القوّة واليسار وقرىء بفتح العين. وقيل نزلت في ثقيف، وكانوا يربون. وقيل المراد أن يهب الرجل للرجل أو يهدي له، ليعوّضه أكثر مما وهب أو أهدى، فليست تلك الزيادة بحرام، ولكن المعوّض لا يثاب على تلك الزيادة. وقالوا الربا ربوان فالحرام كل قرض يؤخذ فيه أكثر منه أو يجرّ منفعة. والذي ليس بحرام أن يستدعى بهبته أو بهديته أكثر منها. وفي الحديث المستغزر يثاب من هبته وقرىء «وما أتيتم من ربا» بمعنى وما غشيتموه أو رهقتموه من إعطاء ربا. وقرىء «لتربوا»، أي لتزيدوا في أموالهم، كقوله تعالى { وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ } أي يزيدها. وقوله تعالى { فَأُوْلَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } التفات حسن، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم هم المضعفون. فهو أمدح لهم من أن يقول فأنتم المضعفون. والمعنى المضعفون به، لأنه لا بد من ضمير يرجع إلى ما، ووجه آخر وهو أن يكون تقديره فمؤتوه أولئك هم المضعفون. والحذف لما في الكلام من الدليل عليه، وهذا أسهل مأخذاً، والأوّل أملأ بالفائدة.