الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } * { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }

{ وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ } قيام السمٰوات والأرض واستمساكهما بغير عمد { بِأَمْرِهِ } أي بقوله كونا قائمتين. والمراد بإقامته لهما إرادته لكونهما على صفة القيام دون الزوال. وقوله { إِذَا دَعَاكُمْ } بمنزلة قوله يريكم، في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى، كأنه قال ومن آياته قيام السمٰوات والأرض، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة يا أهل القبور اخرجوا. والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث، كما يجيب الداعي المطاع مدعوّه، كما قال القائل
دَعَوْتُ كلَيْباً دَعْوَةً فَكَأَنَّمَا دَعَوْتُ بِهِ ابْنَ الطَّوْدِ أَوْ هُوَ أَسْرَعُ   
يريد بابن الطود الصدى، أو الحجر إذا تدهدى، وإنما عطف هذا على قيام السمٰوات والأرض بثم، بياناً لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله، وهو أن يقول يا أهل القبور، قوموا فلا تبقى نسمة من الأوّلين والآخرين إلا قامت تنظر، كما قال تعالىثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } الزمر 68. قولك دعوته من مكان كذا، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك، تقول دعوت زيداً من أعلى الجبل فنزل عليّ ودعوته من أسفل الوادي فطلع إليّ. فإن قلت بم تعلق { مِّـنَ ٱلأَرْضِ } أبالفعل أم بالمصدر؟ قلت هيهات، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فإن قلت ما الفرق بين إذا وإذا؟ قلت الأولى للشرط، والثانية للمفاجأة، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط. وقرىء «تخرجون» بضم التاء وفتحها { قَـٰنِتُونَ } أي منقادون لوجود أفعاله فيهم لا يمتنعون عليه.