الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } * { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ }

فإن قلت علام عطف قوله { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ } وعطفه على { نتلو } و { يَسْتَضْعِفُ } غير سديد؟ قلت هي جملة معطوفة على قوله { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } لأنها نظيرة «تلك» في وقوعها تفسيراً لنبأ موسى وفرعون، واقتصاصاً له. { وَنُرِيدُ } حكاية حال ماضية. ويجوز أن يكون حالاً من يستضعف، أي يستضعفهم فرعون، ونحن نريد أن نمنّ عليهم. فإن قلت كيف يجتمع استضعافهم وإرادة الله المنة عليهم؟ وإذا أراد الله شيئاً كان ولم يتوقف إلى وقت آخر، قلت لما كانت منة الله بخلاصهم من فرعون قريبة الوقوع، جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم { أَئِمَّةً } مقدّمين في الدين والدنيا، يطأ الناس أعقابهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قادة يقتدى بهم في الخير. وعن مجاهد رضي الله عنه دعاة إلى الخير، وعن قتادة رضي الله عنه ولاة، كقوله تعالىوَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } المائدة 20. { ٱلْوٰرِثِينَ } يرثون فرعون وقومه ملكهم وكل ما كان لهم. مكن له إذا جعل له مكاناً يقعد عليه أو يرقد، فوطأه ومهده ونظيره أرّض له. ومعنى التمكين لهم في الأرض وهي أرض مصر والشام أن يجعلها بحيث لا تنبو بهم ولا تغث عليهم كما كانت في أيام الجبابرة، وينفذ أمرهم، ويطلق أيديهم ويسلطهم. وقرىء «ويرى فرعون وهامان وجنودهما»، أي يرون { مّنْهُمْ مَّا } حذروه من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم.