الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

فإن قلت ما الفرق بين فعل الاستجابة في الآية، وبينه في قوله
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ   
حيث عدّى بغير اللام؟ قلت هذا الفعل يتعدّى إلى الدعاء بنفسه وإلى الداعي باللام، ويحذف الدعاء إذا عدّي إلى الداعي في الغالب، فيقال استجاب الله دعاءه أو استجابة له، ولا يكاد يقال استجاب له دعاءه. وأما البيت فمعناه فلم يستجب دعاءه، على حذف المضاف. فإن قلت فالاستجابة تقتضي دعاء ولا دعاء ههنا. قلت قوله فأتوا بكتاب أمر بالإتيان والأمر بعث على الفعل ودعاء إليه، فكأنه قال فإن لم يستجيبوا دعاءك إلى الإتيان بالكتاب الأهدى، فاعلم أنهم قد ألزموا ولم تبق لهم حجة إلا اتباع الهوى، ثم قال { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ } لا يتبع في دينه إلا { هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ } أي مطبوعاً على قلبه ممنوع الألطاف { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } أي لا يلطف بالقوم الثابتين على الظلم الذين اللاطف بهم عابث. وقوله بغير هدى في موضع الحال، يعني مخذولاً مخلى بينه وبين هواه.