الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً }

الخلفة من خلف، كالركبة من ركب. وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كلّ واحد منهما الآخر. والمعنى جعلهما ذوي خلفة، أي ذوي عقبة، أي يعقب هذا ذاك وذاك هذا. ويقال الليل والنهار يختلفان، كما يقال يعتقبان. ومنه قولهوَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } البقرة 164، آل عمران 190، الجاثية 5 ويقال بفلان خلفة واختلاف. إذا اختلف كثيراً إلى متبرّزه. وقرىء «يذكر» و «يذّكر». وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه يتذكر. والمعنى لينظر في اختلافهما الناظر، فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال، وتغيرهما من ناقل و مغير. ويستدلّ بذلك على عظم قدرته، ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار، كما قال عزّ وعلاوَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } القصص 73 أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين، من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر. وعن الحسن رضي الله عنه من فاته عمله من التذكر والشكر بالنهار كان له في الليل مستعتب. ومن فاته بالليل كان له في النهار مستعتب.