الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }

{ أَسَـٰطِيرُ ٱلاْوَّلِينَ } ما سطَّره المتقدمون من نحو أحاديث رستم واسفنديار، جمع أسطار أو أسطورة كأحدوثة { ٱكْتَتَبَهَا } كتبها لنفسه وأخذها، كما تقول استكب الماء واصطبه إذا سكبه وصبه لنفسه وأخذه. وقرىء «اكتُتبها» على البناء للمفعول. والمعنى اكتتبها كاتب له، لأنه كان أمّياً لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه، ثم حذفت اللام فأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب، كقولهوَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } الأعراف 155 ثم بنى الفعل للضمير الذي هو إياه فانقلب مرفوعاً مستتراً بعد أن كان بارزاً منصوباً، وبقي ضمير الأساطير على حاله، فصار { ٱكْتَتَبَهَا } كما ترى. فإن قلت كيف قيل اكتتبها { فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } وإنما يقال أمليت عليه فهو يكتتبها؟ قلت فيه وجهان، أحدهما أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه. أو كتبت له وهو أمّي فهي تملى عليه أي تلقى عليه من كتابه يتحفظها لأنّ صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب. وعن الحسن أنه قول الله سبحانه يكذبهم وإنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة للاستفهام الذي في معنى الإنكار. ووجهه أن يكون نحو قوله
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الْكِرَامَ وَأَن أُورَثَ ذَوْداً شَصَائِصَاً نَبَلاَ   
وحق الحسن أن يقف على الأولين، { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي دائماً، أو في الخفية قبل أن ينتشر الناس، وحين يأوون إلى مساكنهم.