الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

وضع الواحد موضع الجمع لأنه يفيد الجنس، ويبين ما بعده أن المراد به الجمع. ونحوهنُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } الحج 5 { لَمْ يَظْهَرُواْ } إما من ظهر على الشيء إذا اطلع عليه، أي لا يعرفون ما العورة ولا يميزون بينها وبين غيرها، وإما من ظهر على فلان إذا قوي عليه، وظهر على القرآن أخذه وأطاقه، أي لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء. وقرىء «عورات» وهي لغة هذيل. فإن قلت لم لم يذكر الله الأعمام والأخوال؟ قلت سئل الشعبي عن ذلك؟ فقال لئلا يصفها العم عند ابنه، والخال كذلك. ومعناه أن سائر القرابات يشترك الأب والابن في المحرمية إلا العمّ والخال وأبناءهما. فإذا رآها الأب فربما وصفها لابنه وليس بمحرم، فيداني تصوّره لها بالوصف نظره إليها وهذا أيضاً من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهن في التستر. كانت المرأة تضرب الأرض برجلها ليتقعقع خلخالها، فيعلم أنها ذات خلخال. وقيل كانت تضرب بإحدى رجليها الأخرى، ليعلم أنها ذات خلخالين. وإذا نهين عن إظهار صوت الحلي بعد ما نهين عن إظهار الحلي، علم بذلك أن النهي عن إظهار مواضع الحلي أبلغ وأبلغ. وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون أوامر الله ونواهيه في كل باب لا يكاد العبد الضعيف يقدر على مراعاتها. وإن ضبط نفسه واجتهد، ولا يخلو من تقصير يقع منه، فلذلك وصّى المؤمنين جميعاً بالتوبة والاستغفار، وبتأميل الفلاح، إذا تابوا واستغفروا. وعن ابن عباس رضي الله عنهما توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة فإن قلت قد صحت التوبة بالإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله، فما معنى هذه التوبة؟ قلت أراد بها ما يقوله العلماء إن من أذنب ذنباً ثم تاب عنه، يلزمه كلما تذكره أن يجدد عنه التوبة لأنه يلزمه أن يستمر على ندمه وعزمه إلى أن يلقى ربه. وقرىء «أيه المؤمنون»، بضم الهاء، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف، فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين أتبعت حركتها حركة ما قبلها.

PreviousNext
1 2