الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } * { وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ }

قرىء «الريح» و«الرياح» بالرفع والنصب فيهما فالرفع على الابتداء، والنصب على العطف على الجبال. فإن قلت وصفت هذه الرياح بالعصف تارة وبالرخاوة أخرى، فما التوفيق بينهما؟ قلت كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة، على ما قالغُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } سبأ 12 فكان جمعها بين الأمرين أن تكون رخاء في نفسها وعاصفة في عملها، مع طاعتها لسليمان وهبوبها على حسب ما يريد ويحتكم آية إلى آية ومعجزة إلى معجزة. وقيل كانت في وقت رخاء، وفي وقت عاصفاً لهبوبها على حكم إرادته وكنا بكل شيء عالمين، وقد أحاط علمنا بكل شيء فنجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا. أي يغوصون له في البحار فيستخرجون الجواهر، ويتجاوزون ذلك إلى الأعمال والمهن وبناء المدائن والقصور واختراع الصنائع العجيبة، كما قاليَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَـٰرِيبَ وَتَمَـٰثِيلَ } سبأ 13 والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره، أو يبدلوا أو يغيروا، أو يوجد منهم فساد في الجملة فيما هم مسخرون فيه.