الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ }

لما رأى ذلك الأمر العجيب الهائل ملكه من الفزع والنفاز ما يملك البشر عند الأهوال والمخاوف وعن ابن عباس انقلبت ثعباناً ذكراً يبتلع الصخر والشجر، فلما رآه يبتلع كل شيء خاف ونفر. وعن بعضهم إنما خافها لأنه عرف ما لقي آدم منها. وقيل لما قال له ربه { لاَ تَخَفْ } بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحيها. { سِيرَتَهَا } السيرة من السير، كالركبة من الركوب. يقال سار فلان سيرة حسنة، ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة، وقيل سير الأوّلين، فيجوز أن ينتصب على الظرف، أي سنعيدها في طريقتها الأولى، أي في حال ما كانت عصا، وأن يكون أعاد منقولاً من «عاده» بمعنى عاد إليه. ومنه بيت زهير
وَعَادَكَ أَنْ تُلاَقِيَهَا عِدَاءً   
فيتعدى إلى مفعولين. ووجه ثالث حسن وهو أن يكون { سَنُعِيدُهَا } مستقلاً بنفسه غير متعلق بسيرتها، بمعنى أنها أنشئت أوّل ما أنشئت عصا، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أوّلاً. ونصب سيرتها بفعل مضمر، أي تسير سيرتها الأولى يعني سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها.