الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ }

الباء التي في { بِٱلْبَـٰطِلِ } إن كانت صلة مثلها في قولك لبست الشيء بالشيء خلطته به، كان المعنى ولا تكتبوا في التوراة ما ليس منها فيختلط الحق المنزل بالباطل الذي كتبتم، حتى لا يميز بين حقها وباطلكم، وإن كانت باء الاستعانة كالتي في قولك كتبت بالقلم، كان المعنى ولا تجعلوا الحق ملتبساً مشتبهاً بباطلكم الذي تكتبونه { وَتَكْتُمُواْ } جزم داخل تحت حكم النهي بمعنى ولا تكتموا. أو منصوب بإضمار أن، والواو بمعنى الجمع، أي ولا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمان الحق، كقولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن. فإن قلت لبسهم وكتمانهم ليسا بفعلين متميزين حتى ينهوا عن الجمع بينهما، لأنهم إذا لبسوا الحق بالباطل فقد كتموا الحق؟ قلت بل هما متميزان، لأن لبس الحق بالباطل ما ذكرنا من كتبهم في التوراة ما ليس منها. وكتمانهم الحق أن يقولوا لا نجد في التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم، أو حكم كذا. أو يمحوا ذلك. أو يكتبوه على خلاف ما هو عليه. وفي مصحف عبد الله. وتكتمون، بمعنى كاتمين { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } في حال علمكم أنكم لابسون كاتمون، وهو أقبح لهم، لأنّ الجهل بالقبيح ربما عذر راكبه { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ واءتوا الزكاة } يعني صلاة المسلمين وزكاتهم { وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } منهم، لأنّ اليهود لا ركوع في صلاتهم. وقيل الركوع الخضوع والانقياد لما يلزمهم في دين الله. ويجوز أن يراد بالركوع الصلاة، كما يعبر عنها بالسجود، وأن يكون أمراً بأن تصلى مع المصلين، يعني في الجماعة، كأنه قيل وأقيموا الصلاة وصلوها مع المصلين، لا منفردين.