الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ } أي لم يجر الله أمر الإيمان على الإجبار والقسر، ولكن على التمكين والاختيار. ونحوه قوله تعالىوَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلاْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } يونس 99 أي لو شاء لقسرهم على الإيمان ولكنه لم يفعل، وبنى الأمر على الاختيار { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ } قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة { فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ } فمن اختار الكفر بالشيطان أو الأصنام والإيمان بالله { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } من الحبل الوثيق المحكم، المأمون انفصامها، أي انقطاعها. وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر، والاستدلال بالمشاهد المحسوس، حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه، فيحكم اعتقاده والتيقن به. وقيل هو إخبار في معنى النهي، أي لا تتكرهوا في الدين. ثم قال بعضهم هو منسوخ بقولهجَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } التوبة 73وقيل هو في أهل الكتاب خاصة لأنهم حصنوا أنفسهم بأداء الجزية وروي. 148 أنه كان لأنصاري من بني سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأنصاري يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فنزلت فخلاهما