الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَٰتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلْمَشْعَرِ ٱلْحَرَامِ وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَٰكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ } * { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } * { وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ } عطاء منه وتفضلاً، وهو النفع والربح بالتجارة، وكان ناس من العرب يتأثمون أن يتجروا أيام الحج، وإذا دخل العشر كفوا عن البيع والشراء فلم تقم لهم سوق، ويسمون من يخرج بالتجارة الداجّ. ويقولون هؤلاء الداج وليسوا بالحاج. وقيل كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقهم في الجاهلية يتجرون فيها في أيام الموسم. وكانت معايشهم منها، فلما جاء الإسلام تأثموا، فرفع عنهم الجناح في ذلك وأبيح لهم، وإنما يباح ما لم يشغل عن العبادة، وعن ابن عمر رضي الله عنه 111 أن رجلاً قال له إنا قوم نكري في هذا الوجه وإن قوماً يزعمون أن لا حج لنا، فقال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سألت فلم يردّ عليه، حتى نزل { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } فدعا به فقال أنتم حجاج. وعن عمر رضي الله عنه أنه قيل له هل كنتم تكرهون التجارة في الحج؟ فقال وهل كانت معايشنا إلا من التجارة في الحج. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما «فضلاً من ربكم في مواسم الحج». أَنْ تبتغوا في أن تبتغوا { أَفَضْتُمْ } دفعتم بكثرة، وهو من إفاضة الماء وهو صبه بكثرة، وأصله أفضتم أنفسكم، فترك ذكر المفعول كما ترك في دفعوا من موضع كذا وصبوا. وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه «صب في دقران وهو يخرش بعيره بمحجنه» ويقال أفاضوا في الحديث وهضبوا فيه. و { عَرَفَـٰتٍ } علم للموقف سمي بجمع كأذرعات. فإن قلت هلا مُنعت الصرف وفيها السببان التعريف والتأنيث؟ قلت لا يخلو من التأنيث إما أن يكون بالتاء التي في لفظها، وإما بتاء مقدرة كما في سعاد فالتي في لفظها ليست للتأنيث، وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث ولا يصح تقدير التاء فيها، لأنّ هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث مانعة من تقديرها كما لا يقدر تاء التأنيث في بنت لأن التاء التي هي بدل من الواو لاختصاصها بالمؤنث كتاء التأنيث فأبت تقديرها. وقالوا سميت بذلك لأنها وصفت لإبراهيم عليه السلام فلما أبصرها عرفها. وقيل إن جبريل حين كان يدور به في المشاعر أراه إياها فقال قد عرفت. وقيل التقى فيها آدم وحوّاء فتعارفا. وقيل لأنّ الناس يتعارفون فيها والله أعلم بحقيقة ذلك، وهي من الأسماء المرتجلة لأنّ العرفة لا تعرف في أسماء الأجناس إلا أن تكون جمع عارف. وقيل فيه دليل على وجوب الوقوف بعرفة لأنّ الإفاضة لا تكون إلا بعده. وعن النبي صلى الله عليه وسلم 112 " الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج " { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } بالتلبية والتهليل والتكبير والثناء والدعوات.

السابقالتالي
2 3