الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قرىء «حَرّم» على البناء للفاعل، و«حُرِّم» على البناء للمفعول، و«حَرُم» بوزن كرم { أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ } أي رفع به الصوت للصنم، وذلك قول أهل الجاهلية باسم اللات والعزى { غَيْرَ بَاغٍ } على مضطرّ آخر بالاستيثار عليه { وَلاَ عَادٍ } سدَّ الجوعة. فإن قلت في الميتات ما يحل وهو السمك والجراد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 76 " أحلت لنا ميتتان ودمان " قلت قصد ما يتفاهمه الناس ويتعارفونه في العادة. ألا ترى أنّ القائل إذا قال أكل فلان ميتة، لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد، كما لو قال أكل دماً، لم يسبق إلى الكبد والطحال. ولاعتبار العادة والتعارف قالوا من حلف لا يأكل لحماً فأكل سمكاً لم يحنث- وإن أكل لحماً في الحقيقة، قال الله تعالىلِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا } النحل 14 وشبهوه بمن حلف لا يركب دابة فركب كافراً لم يحنث - وإن سماه الله تعالى دابة في قولهإِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الأنفال 55. فإن قلت فما له ذكر لحم الخنزير دون شحمه؟ قلت لأنّ الشحم داخل في ذكر اللحم، لكونه تابعاً له و صفه فيه، بدليل قولهم لحم سمين، يريدون أنه شحيم.