الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

{ حَلاَلاً } مفعول كلوا، أو حال مما في الأرض { طَيِّبَاتِ } طاهراً من كل شبهة { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } فتدخلوا في حرام، أو شبهة، أو تحريم حلال، أو تحليل حرام، و من للتبعيض لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول. وقرىء «خطوات» بضمتين، و«خطوات» بضمة وسكون، و«خطؤات» بضمتين وهمزة جعلت الضمة على الطاء كأنها على الواو، و«خطوات» بفتحتين و«خطوات» بفتحة وسكون. والخطوة المرة من الخطو. والخطوة ما بين قدمي الخاطي. وهما كالغرفة والغرفة، والقبضة والقبضة. يقال اتبع خطواته، ووطىء على عقبه إذا اقتدى به واستن بسنته { مُّبِينٌ } ظاهر العداوة لا خفاء به { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم } بيان لوجوب الإنهاء عن اتباعه وظهور عداوته. أي لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم { بِٱلسُّوء } بالقبيح { وَٱلْفَحْشَاء } وما يتجاوز الحدّ في القبح من العظائم، وقيل السوء ما لا حدّ فيه. والفحشاء ما يجب الحدّ فيه { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وهو قولكم هذا حلال وهذا حرام، بغير علم. ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه. فإن قلت كيف كان الشيطان آمراً مع قولهلَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } الحجر 42 قلت شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر، كما تقول أمرتني نفسي بكذا. وتحته رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين لطاعتكم له وقبولكم وساوسه ولذلك قالوَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } النساء 119 وقال الله تعالىإِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمّارَةٌ بِٱلسُّوء } يوسف 53 لما كان الإنسان يطيعها فيعطيها ما اشتهت.