الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً }

أي ليتعززوا بآلهتهم حيث يكونون لهم عند الله شفعاء وأنصاراً ينقذونهم من العذاب { كَلاَّ } ردع لهم وإنكار لتعززهم بالآلهة. وقرأ ابن نهيك «كلا» { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـادَتِهِمْ } أي سيجحدون كلا سيكفرون بعبادتهم، كقولك زيداً مررت بغلامه. وفي محتسب ابن جني كلا بفتح الكاف والتنوين، وزعم أن معناه كل هذا الرأي والاعتقاد كلا. ولقائل أن يقول إن صحت هذه الرواية فهيكلا التي هي للردع، قلب الواقف عليها ألفها نوناً كما في قواريراً. والضمير في { سَيَكْفُرُونَ } للآلهة، أي سيجحدون عبادتهم وينكرونها ويقولون والله ما عبدتمونا وأنتم كاذبون. قال الله تعالىوَإِذَا رَءا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَٰ ۤ ـؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَـٰذِبُونَ } النحل 86 أو للمشركين أي ينكرون لسوء العاقبة أن يكونوا قد عبدوها. قال الله تعالىثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } الأنعام 23 { عَلَيْهِمْ ضِدّاً } في مقابلة { لَهُمْ عِزّاً } والمراد ضدّ العز وهو الذل والهوان، أي يكونون عليهم ضداً لما قصدوه وأرادوه، كأنه قيل ويكونون عليهم ذلاً، لا لهم عزاً أو يكونون عليهم عوناً، والضدّ العون. يقال من أضدادكم أي أعوانكم وكأن العون سمي ضداً لأنه يضادّ عدوّك وينافيه بإعانته لك عليه. فإن قلت لم وحد؟ قلت وحد توحيده قوله عليه الصلاة والسلام 676 " وهم يدٌ على من سواهم " لاتفاق كلمتهم، وأنهم كشيء واحد لفرط تضامهم وتوافقهم ومعنى كون الآلهة عوناً عليهم أنهم وقود النار وحَصَبُ جهنم، ولأنهم عذبوا بسبب عبادتها وإن رجعت الواو في سيكفرون ويكونون إلى المشركين، فإن المعنى ويكونون عليهم - أي أعداءهم - ضداً، أي كفرة بهم، بعد أن كانوا يعبدونها.