الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

{ وَإِن مِـّنكُمْ } التفات إلى الإنسان، يعضده قراءة ابن عباس وعكرمة رضي الله عنهما «وإن منهم» أو خطاب للناس من غير التفات إلى المذكور، فإن أريد الجنس كله فمعنى الورود دخولهم فيها وهي خامدة، فيعبرها المؤمنون وتنهار بغيرهم. عن ابن عباس رضي الله عنه يردونها كأنها إهالة. وروي دواية. وعن جابر بن عبد الله. 670 أنه سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال " إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ قالَ بعضُهُمْ لبعضٍ أليسَ قدْ وعدَنَا رَبنا أنْ نردَ النارَ، فيقالُ لَهُمْ قدْ وردتمُوها وهي خامدةٌ " وعنه رضي الله عنه أنه سُئِل عن هذه الآية؟ فقال 671 سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول " الورودُ الدخولُ، لا يبقَى بَرٌ ولا فاجرٌ إلاَّ دخلها، فتكونُ على المؤمنِينَ برَداً وسلامَاً كَما كانَتْ على إبراهيمَ، حتَّى إنَّ للنارِ ضجيجَاً مِنْ بردهِا " وأما قوله تعالىأُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } الأنبياء 101 فالمراد عن عذابها. وعن ابن مسعود والحسن وقتادة هو الجواز على الصراط لأنّ الصراط ممدود عليها. وعن ابن عباس قد يرد الشيءُ الشيءَ ولا يدخله، كقوله تعالىوَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ } القصص 23 ووردت القافلة البلد، وإن لم تدخله ولكن قربت منه. وعن مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا، بقوله عليه الصلاة والسلام 672 " الحمّى من فيح جهنم " وفي الحديث 673 " الحمّى حظ كل مؤمن من النار " ويجوز أن يراد بالورود جثوّهم حولها. وإن أريد الكفار خاصة، فالمعنى بيِّن. {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } الحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه، فسمى به الموجب، كقولهم خلق الله، وضرب الأمير، أي كان ورودهم واجباً على الله، أوجبه على نفسه وقضى به، وعزم على أن لا يكون غيره { ثُمّ نُنَجِّي ٱ لَّذِينَ ٱ تَّقَواْ } قرىء { نُنَجِّى } و«ننجى» و«ينجى» و«ينجى» على ما لم يسم فاعله. إن أريد الجنس بأسره فهو ظاهر، وإن أريد الكفرة وحدهم فمعنى { ثُمَّ نُنَجِـّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أنّ المتقين يساقون إلى الجنة عقيب ورود الكفار، لا أنهم يواردونهم ثم يتخلصون. وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس والجحدري وابن أبي ليلى «ثَمَّ ننجى» بفتح الثاء، أي هناك. وقوله { وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } دليل على أنّ المراد بالورود الجثوّ حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الكفرة إلى الجنة بعد تجاثيهم، وتبقى الكفرة في مكانهم جاثين.