الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً }

جعل المسّ عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه، كقوله تعالىمِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } البقرة 237أَوْ لَـٰمَسْتُمُ ٱلنّسَاء } النساء 43 والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه فجربها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغيّ الفاجرة التي تبغي الرجال، وهي فعول عند المبرد «بغوي» فأدغمت الواو في الياء. وقال ابن جني في كتاب التمام هي فعيل، ولو كانت فعولاً لقيل «بغوّ» كما قيل فلان نهوّ عن المنكر { وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً } تعليل معلله محذوف أي ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك. أو هو معطوف على تعليل مضمر، أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية. ونحوهوَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } الجاثية 22 وقولهوَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلاْرْضِ وَلِنُعَلّمَهُ } يوسف 21. { مَّقْضِيّاً } مقدراً مسطوراً في اللوح لا بدّ لك من جريه عليه. أو كان أمراً حقيقاً بأن يكون ويقضي لكونه آية ورحمة. والمراد بالآية العبرة والبرهان على قدرة الله تعالى. وبالرحمة الشرائع والألطاف، وما كان سبباً في قوّة الاعتقاد والتوصل إلى الطاعة والعمل الصالح، فهو جدير بالتكوين.