الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }

{ فَقَتَلَهُ } قيل كان قتله فتل عنقه. وقيل ضرب برأسه الحائط، وعن سعيد بن جبير أضجعه ثم ذبحه بالسكين. فإن قلت لم قيل { حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا } بغير فاء و { حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ } قلت جعل خرقها جزاء للشرط، وجعل قتله من جملة الشرط معطوفاً عليه، والجزاء { قَالَ أَقَتَلْتَ }. فإن قلت فلم خولف بينهما؟ قلت لأن خرق السفينة لم يتعقب الركوب، وقد تعقّب القتل لقاء الغلام. وقرىء «زاكية» و «زكية»، وهي الطاهرة من الذنوب، إما لأنها ظاهرة عنده لأنه لم يرها قد أذنبت، وإما لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث { بِغَيْرِ نَفْسٍ } يعني لم تقتل نفساً فيقتص منها. وعن ابن عباس 644 أن نجدة الحروري كتب إليه كيف جاز قتله، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل { نُّكْراً }. وقرىء «بضمتين» وهو المنكر وقيل النكر أقل من الإمر لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة. وقيل معناه جئت شيئاً أنكر من الأوّل، لأن ذلك كان خرقاً يمكن تداركه بالسدّ، وهذا لا سبيل إلى تداركه. فإن قلت ما معنى زيادة { لَكَ }؟ قلت زيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصية، والوسم بقلة الصبر عند الكرة الثانية.