الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } * { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً }

قرىء «تسير» من سيرت، ونسير من سيرنا «وتسير» من سارت، أي تسير في الجو. أو يذهب بها، بأن تجعل هباء منبثاً. وقرىء «وترَى الأرض» على البناء للمفعول { بَارِزَةً } ليس عليها ما يسيرها مما كان عليها { وَحَشَرْنَـٰهُمْ } وجمعناهم إلى الموقف. وقرىء «فلم نغادر» بالنون والياء، يقال غادره وأغدره إذا تركه. ومنه الغدر. ترك الوفاء. والغدير ما غادره السيل. وشبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان { صَفَّا } مصطفين ظاهرين، يرى جماعتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحداً { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا } أي قلنا لهم لقد جئتمونا. وهذا المضمر هو عامل النصب في يوم نسير. ويجوز أن ينصب بإضمار اذكر. والمعنى لقد بعثناكم كما أنشأناكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقيل جئتمونا عراة لا شيء معكم كما خلقناكم أوّلاً، كقولهوَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } الأنعام 94. فإن قلت لم جيء بحشرناهم ماضياً بعد نسير وترى؟ قلت للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز، ليعاينوا تلك الأهوال العظائم، كأنه قيل وحشرناهم قبل ذلك { مَّوْعِدًا } وقتاً لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشور.