الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }

{ وَتَحْسَبُهُمْ } بكسر السين وفتحها خطاب لكل أحد والأيقاظ جمع يقظ، كأنكاد في نكد. قيل عيونهم مفتحة وهم نيام، فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظاً وقيل لكثرة تقلبهم وقيل لهم تقلبتان في السنة وقيل تقلبة واحدة في يوم عاشوراء. وقرىء «ويقلبهم» بالياء والضمير لله تعالى. وقرىء «وتقلبهم» على المصدر منصوباً، وانتصابه بفعل مضمر يدل عليه { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا } كأنه قيل وترى وتشاهد تقلبهم. وقرأ جعفر الصادق «وكالبهم» أي وصاحب كلبهم { بَـٰسِطٌ ذِرَاعَيْهِ } حكاية حال ماضية لأنّ اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي، وإضافته إذا أضيف حقيقية معرفة، كغلام زيد، إلا إذا نويت حكاية الحال الماضية. والوصيد الفناء، وقيل العتبة. وقيل الباب. وأنشد
بِأَرْضٍ فَضَاء لاَ يُسَدُّ وَصِيدُهَا عَلَىَّ وَمَعْرُوفِي بِهَا غَيْرُ مُنْكَرِ   
وقرىء «ولملئت» بتشديد اللام للمبالغة. وقرىء «بتخفيف الهمزة وقلبها ياء». و { رُعْبًا } بالتخفيف والتثقيل، وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملؤه، وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة. وقيل لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم. وقيل لوحشة مكانهم. وعن معاوية أنه غزا الروم فمرّ بالكهف فقال لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال له ابن عباس رضي الله عنه ليس لك ذلك، قد منع الله تعالى منه من هو خير منك فقال { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا } فقال معاوية، لا أنتهي حتى أعلم علمهم، فبعث ناساً وقال لهم اذهبوا فانظروا، ففعلوا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحاً فأحرقتهم. وقرىء «لوُ اطلعت»، بضم الواو.