الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً }

{ لَوْ } حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء، فلا بد من فعل بعدها في { لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ } وتقديره لو تملكون تملكون، فأضمر تملك إضماراً على شريطة التفسير، وأبدل من الضمير المتصل الذي هو الواو ضمير منفصل، وهو أنتم، لسقوط ما يتصل به من اللفظ، فأنتم فاعل الفعل المضمر، وتملكون تفسيره! وهذا هو الوجه الذي يقتضيه علم الإعراب. فأمّا ما يقتضيه علم البيان، فهو أنّ أنتم تملكون فيه دلالة على الاختصاص وأنّ الناس هم المختصون بالشح المتبالغ ونحوه قول حاتم
لَوْ ذَاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي   
وقول المتلمس
وَلَوْ غَيْرُ أَخْوَالِي أرَادُوا نَقِيصَتِي   
وذلك لأنّ الفعل الأول لما سقط لأجل المفسر، برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر. ورحمة الله رزقه وسائر نعمه على خلقه، ولقد بلغ هذا الوصف بالشح الغاية التي لا يبلغها الوهم. وقيل هو لأهل مكة الذين اقترحوا ما اقترحوا من الينبوع والأنهار وغيرها، وأنهم لو ملكوا، خزائن الأرزاق لبخلوا بها { قَتُورًا } ضيقاً بخيلاً. فإن قلت هل يقدر { لأمْسَكْتُمْ } مفعول؟ قلت لا لأن معناه لبخلتم، من قولك للبخيل ممسك.