الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

وانتصاب { ٱلْكَذِبَ } بلا تقولوا، على ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكممَا فِى بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأنْعَـٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوٰجِنَا } الأنعام 139 من غير استناد ذلك الوصف إلى وحي من الله أو إلى قياس مستند إليه، واللام مثلهافي قولك ولا تقولوا لما أحل الله هو حرام. وقوله { هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } بدل من الكذب. ويجوز أن يتعلق بتصف على إرادة القول، أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول هذا حلال وهذا حرام. ولك أن تنصب الكذب بتصف، وتجعل «ما» مصدرية، وتعلق { هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } بلا تقولوا على ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قول ساذج ودعوى فارغة. فإن قلت ما معنى وصف ألسنتهم الكذب؟ قلت هو من فصيح الكلام وبليغه، جعل قولهم كأنه عين الكذب ومحضه، فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصوّرته بصورته، كقولهم وجهها يصف الجمال. وعينها تصف السحر. وقرىء «الكذب» بالجرّ صفة لما المصدرية، كأنه قيل لوصفها الكذب، بمعنى الكاذب، كقوله تعالىبِدَمٍ كَذِبٍ } يوسف 18 والمراد بالوصف وصفها البهائم بالحل والحرمة. وقرىء «الكذب» جمع كذوب بالرفع، صفة للألسنة، وبالنصب على الشتم. أو بمعنى الكلم الكواذب، أو هو جمع الكذاب من قولك كذب كذاباً، ذكره ابن جني. واللام في { لّتَفْتَرُواْ } من التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض { مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ } خبر مبتدأ محذوف، أي منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم.