الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

المقول محذوف، لأن جواب { قُل } يدل عليه، وتقديره { قُل لّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أقيموا الصلاة وأنفقوا { يُقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَيُنْفِقُواْ } وجوزوا أن يكون يقيموا وينفقوا، بمعنى ليقيموا ولينفقوا، ويكون هذا هو المقول، قالوا وإنما جاز حذف اللام، لأنّ الأمر الذي هو { قُل } عوض منه، ولو قيل يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام، لم يجز فإن قلت علام انتصب { سِرّا وَعَلاَنِيَةً }؟ قلت على الحال، أي ذوي سرّ وعلانية، بمعنى مسرين ومعلنين. أو على الظرف، أي وقتي سر وعلانية، أو على المصدر، أي إنفاق سر وإنفاق علانية،و المعنى إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب. والخلال المخالة. فإن قلت كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلَـٰلٌ } قلت من قبل أنّ الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلاً ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيراً منها. وأمّا الإنفاق لوجه الله خالصاً كقوله تعالىوَمَا لأحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تَجْزِى إِلاَّ ٱبْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِ ٱلاْعْلَىٰ } الليل 19-20 فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص، فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالة، ولا بما ينفقون به أموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله، وقرىء «لا بيع فيه ولا خلالُ» بالرفع.