الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }

{ وَتِلْكَ عَادٌ } إشارة إلى قبورهم وآثارهم، كأنه قال سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا، ثم استأنف وصف أحوالهم فقال { جَحَدُواْ بِآيَـٰتِ رَبّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } لأنهم إذا عصوا رسولهم فقد عصوا جميع رسل الله،لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ } البقرة 285 قيل لم يرسل إليهم إلا هود وحده { كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } يريد رؤساءهم وكبراءهم ودعاتهم إلى تكذيب الرسل. ومعنى اتباع أمرهم طاعتهم. ولما كانوا تابعين لهم دون الرسل جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم على وجوههم في عذاب الله. و { أَلاۤ } وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم، تهويل لأمرهم وتفظيع له، وبعث على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم. فإن قلت { بُعْدًا } دعاء بالهلاك، فما معنى الدعاء به عليهم بعد هلاكهم؟ قلت معناه الدلالة على أنهم كانوا مستأهلين له ألا ترى إلى قوله
إخْوَتي لاَ تَبْعَدُوا أبدَا وَبَلَى وَاللَّهِ قَدْ بَعِدُوا   
{ قَوْمِ هُودٍ } عطف بيان لعاد فإن قلت ما الفائدة في هذا البيان والبيان حاصل بدونه؟ قلت الفائدة فيه أن يوسموا بهذه الدعوة وسما، وتجعل فيهم أمراً محققاً لا شبهة فيه بوجه من الوجوه، ولأنّ عاداً عادان الأولى القديمة التي هي قوم هود والقصة فيهم، والأخرى إرم.