قرىء «يوم يأت» بغير ياء. ونحوه قولهم لا أدر، حكاه الخليل وسيبويه. وحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل. فإن قلت فاعل يأتي ما هو؟ قلت الله عز وجل، كقوله{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } البقرة 210،{ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ } الأنعام 158،{ وَجَاء رَبُّكَ } الفجر 22 وتعضده قراءة «وما يؤخر» بالياء. وقوله { بِإِذْنِهِ } ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اليوم، كقوله تعالى{ أو تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةَ } يوسف 107. فإن قلت بما انتصب الظرف؟ قلت إمّا أن ينتصب بلا تكلم. وإما بإضمار «اذكر» وإمّا بالانتهاء المحذوف في قوله{ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } هود 104 أي ينتهي الأجل يوم يأتي، فإن قلت فإذا جعلت الفاعل ضمير اليوم، فقد جعلت اليوم وقتاً لإتيان اليوم وحدّدت الشيء بنفسه قلت المراد إتيان هوله وشدائده { لاَ تَكَلَّمُ } لا تتكلم، وهو نظير قوله{ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } النبأ 38. فإن قلت كيف يوفق بين هذا وبين قوله تعالى{ يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍ تُجَـٰدِلُ عَن نَّفْسِهَا } النحل 111 وقوله تعالى{ هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } المرسلات 36، قلت ذلك يوم طويل له مواقف ومواطن، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون، وفي بعضها يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم { فَمِنْهُمْ } الضمير لأهل الموقف ولم يذكروا لأنّ ذلك معلوم، ولأنّ قوله { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } يدل عليه، وقد مرّ ذكر الناس في قوله{ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } هود 103 والشقى الذي وجبت له النار لإساءته، والسعيد الذي وجبت له الجنة لإحسانه.