الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } * { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ إَن كُنَّا } هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وهم الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دون الله من أولي العقل، وقيل الأصنام ينطقها الله عزّ وجلّ فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي زعموها وعلقوا بها أطماعهم { هُنَالِكَ } في ذلك المقام وفي ذلك الموقف أوفى ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان { تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ } تختبر وتذوق { مَّا أَسْلَفَتْ } من العمل فتعرف كيف هو، أقبيح أم حسن، أنافع أم ضارّ، أمقبول أم مردود؟ كما يختبر الرجل الشيء ويتعرّفه ليكتنه حاله. ومنه قوله تعالىيَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } الطارق 9 وعن عاصم نبلو كلَّ نفس، بالنون ونصب كل أي نختبرها باختبار ما أسلفت من العمل، فنفرق حالها بمعرفة حال عملها إن كان حسناً فهي سعيدة، وإن كان سيئاً فهي شقية. والمعنى نفعل بها فعل الخابر، كقوله تعالىلِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } هود 7 ويجوز أن يراد نصيب بالبلاء وهو العذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشرّ. وقرىء «تتلو»، أي تتبع ما أسلفت لأنّ عمله هو الذي يهديه إلى طريق الجنة أو إلى طريق النار. أو تقرأ في صحيفتها ما قدّمت من خير أو شرّ { مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } ربهم الصادق ربوبيته لأنهم كانوا يتولون ما ليس لربوبيته حقيقة. أو الذي يتولى حسابهم وثوابهم، العدل الذي لا يظلم أحداً. وقرىء «الحق» بالفتح على تأكيد قولهرُدُّواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ } الأنعام 62 كقولك هذا عبد الله الحق لا الباطل. أو على المدح كقولك الحمد لله. أهل الحمد { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } وضاع عنهم ما كانوا يدعون أنهم شركاء لله. أو بطل عنهم ما كانوا يختلقون من الكذب وشفاعة الآلهة.