الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }

{ لَمَّا } ظرف لأهلكنا والواو في { وَجَاءتْهُمْ } للحال، أي ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلهم بالحجج والشواهد على صدقهم وهي المعجزات. وقوله { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } يجوز أن يكون عطفاً على ظلموا، وأن يكون اعتراضاً واللام لتأكيد النفي، يعني ما كانوا يؤمنون حقاً تأكيداً لنفي إيمانهم، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على كفرهم، وأن الإيمان مستبعد منهم. والمعنى أن السبب في إهلاكهم تكذيب الرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجّة ببعثه الرسل { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الجزاء يعني الإهلاك { نَجْزِي } كل مجرم، وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقرىء «يجزي» بالياء { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكُمْ } الخطاب للذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم، أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكنا { لِنَنظُرَ } أتعملون خيراً أم شراً فنعاملكم على حسب عملكم. و { كَيْفَ } في محل النصب بتعلمون لا بننظر، لأنّ معنى الاستفهام فيه يحجب أن يتقدّم عليه عامله. فإن قلت كيف جاز النظر على الله تعالى وفيه معنى المقابلة قلت هو مستعار للعلم المحقق الذي هو العلم بالشيء موجوداً شبه بنظر الناظر وعيان المعاين في تحققه.