الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }

يعني جلّ ثناؤه بقوله: كيف يكون لهؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لمن لا عهد له منهم منكم أيها المؤمنون عهد وذمة، وهم إن يظهروا عليكم يغلبوكم، لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمة. واكتفى ب «كيف» دليلاً على معنى الكلام، لتقدم ما يراد من المعنى بها قبلها وكذلك تفعل العرب إذا أعادت الحرف بعد مضي معناه استجازوا حذف الفعل، كما قال الشاعر:
وخَبَّرْتُمَانِي أنَّمَا المَوْتُ فِي القُرَى   فَكَيْفَ وَهَذِي هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
فحذف الفعل بعد كيف لتقدم ما يراد بعدها قبلها. ومعنى الكلام: فكيف يكون الموت في القرى وهذي هضبة وكثيب لا ينجو فيهما منه أحد. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إلاّ وَلا ذمَّةً } فقال بعضهم: معناه: لا يراقبوا الله فيكم ولا عهداً. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ } قال الله. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سليمان، عن أبي مجلز، في قوله:لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلا ذِمَّةً } قال: مثل قوله جبرائيل ميكائيل إسرافيل، كأنه يقال: يضاف «جبر» و «ميكا» و «إسراف» إلى «إيل»، يقول: عبد اللهلاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ } كأنه يقول: لا يرقبون الله. حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثني محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { إلاّ وَلا ذِمَّةً } لا يرقبون الله ولا غيره. وقال آخرون: الإلّ: القرابة. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلا ذِمَّةً } يقول: قرابة ولا عهداً. وقوله: { وإنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إلاًّ وَلا ذِمَّةً } قال: الإلّ: يعني القرابة، والذمة: العهد. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { لاَ يَرْقَبُوا إلاّ وَلا ذِمَّةً } الإلّ: القرابة، والذمة: العهد. يعني: أهل العهد من المشركين، يقول: ذمتهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، وعبدة عن حوشب، عن الضحاك: الإلّ: القرابة. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا محمد بن عبد الله، عن سلمة بن كهيل، عن عكرمة، عن ابن عباس:لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلاَ ذِمَّةً } قال: الإلّ: القرابة، والذمة: العهد. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله:لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلاَ ذِمَّةً } الإلّ: القرابة، والذمة: الميثاق. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { كَيْفَ وَإنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } المشركون، لا يرقبوا فيكم عهداً ولا قرابة ولا ميثاقاً.

السابقالتالي
2