الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ }

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: يحلف لكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون بالله ليرضوكم فيما بلغكم عنهم من أذاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرهم إياه، بالطعن عليه والعيب له، ومطابقتهم سرّاً أهل الكفر عليكم بالله، والأيمان الفاجرة أنهم ما فعلوا ذلك وإنهم لعلى دينكم ومعكم على من خالفكم، يبتغون بذلك رضاكم. يقول الله جلّ ثناؤه: { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ } بالتوبة والإنابة مما قالوا ونطقوا، { إنْ كانُوا مُؤْمِنينَ } يقول: إن كانوا مصدّقين بتوحيد الله، مقرّين بوعده ووعيده. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يَحْلِفُونَ بالله لكم لِيُرْضُوكُمْ... } الآية، ذكر لنا أن رجلاً من المنافقين قال: والله إن هؤلاء لخيارنَا وأشرافنا، وإن كان ما يقول محمد حقاً، لهم شرّ من الحمير قال: فسمعها رجل من المسلمين، فقال: والله إن ما يقول محمد حقّ، ولأنت شرّ من الحمار فسعى بها الرجل إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى الرجل فدعاه، فقال له: " ما حَمَلَكَ على الذي قُلْتَ؟ " فجعل يلتعن ويحلف بالله ما قال ذلك، قال: وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صَدِّق الصادق وكذّب الكاذب فأنزل الله في ذلك: { يَحْلِفُونَ باللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ واللَّهُ وَرَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ إنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ }.