الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً }

يقول تعالى ذكره: يا أيها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملاً فملاقيه به: خيراً كان عملُك ذلك أو شرًّا يقول: فليكن عملُك مما يُنجيك من سُخْطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يُسخطه عليك فتهلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { يا أيُّها الإنْسانُ إنَّكَ كادحٌ إلى رَبِّك كَدْحاً فَمُلاقِيهِ } يقول: تعمل عملاً تلقى الله به خيراً كان أو شرًّا. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يا أيُّها الإنْسانُ إنَّكَ كادحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ } إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوّة إلا بالله. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { إنَّكَ كادحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً } قال: عامل له عملاً. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسمعته يقول في ذلك { إنَّكَ كادحُ إلى رَبِّكَ كَدْحاً } قال: عامل إلى ربك عملاً، قال: كدحاً: العمل. وقوله: { فَأمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ } يقول تعالى ذكره: فأما من أُعطي كتاب أعماله بيمينه، { فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً } بأن ينظر في أعماله، فيغفر له سيئها، وَيجازَى على حَسنها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الواحد بن حمزة، عن عباد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة، قالت: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " اللَّهُمَّ حاسِبْني حِساباً يَسِيراً " قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: " أنْ يَنْظُرَ فِي سَيِّئاتِهِ فَيَتجاوَزُ عَنْهُ، إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسابَ يَوْمَئِذٍ هَلَكَ " حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: " اللَّهُمَّ حاسِبْنِي حِساباً يَسِيراً " ، فلما انصرف قلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: " يَنْظُرُ فِي كِتابِهِ، وَيَتَجاوَزُ عَنْهُ، إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسابَ يَوْمَئِذٍ يا عائِشَةُ هَلَكَ " حدثنا نصر بن عليّ الجَهْضَميّ، قال: ثنا مسلم، عن الحريش بن الخرّيت أخي الزبير، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: من نُوقش الحساب، أو من حوسب عذّب، قال: ثم قالت: إنما الحساب اليسير: عَرْض على الله وهو يراهم.

السابقالتالي
2