الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ }

يقول تعالى ذكره: وإذا السماء نُزعت وجُذبت، ثم طُويت. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { كُشِطَتْ } قال: جُذبت. وذُكر في قراءة عبد الله: «قُشِطَتْ» بالقاف، والقَشْط والكَشْط: بمعنى واحد، وذلك تحويل من العرب الكاف قافاً، لتقارب مخرجيهما، كما قيل للكافور قافور، وللقُسط: كُسْط، وذلك كثير في كلامهم، إذا تقارب مخرج الحرفين، أبدلوا من كلّ واحد منهما صاحبه، كقولهم للأثافي: أثاثي، وثوب فُرْقُبيّ وثُرْقُبِيّ. وقوله { وَإذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ } يقول تعالى ذكره: وإذا الجحيم أُوقد عليها فأُحميت. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَإذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ }: سعرها غضب الله، وخطايا بني آدم. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة { سُعِّرَتْ } بتشديد عينها، بمعنى أُوقد عليها مرّة بعد مرّة، وقرأته عامة قرّاء الكوفة بالتخفيف. والقول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقوله: { وَإذَا الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } يقول تعالى ذكره: وإذا الجنة قرّبت وأُدنيت. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خيثم: { وَإذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإذَا الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } قال: إلى هذين ما جرى الحديث: فريق في الجنة، وفريق في السعير. حدثني ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلَى، عن الربيع { وَإذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإذَا الجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } قال: إلى هذين ما جرى الحديث: فريق إلى الجنة، وفريق إلى النار. يعني الربيع بقوله: إلى هذين ما جرى الحديث أن ابتداء الخبرإذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ... } إلى قوله: { وَإذَا الجَحِيمُ سُعِّرَتْ } إنما عُددت الأمور الكائنة التي نهايتها أحد هذين الأمرين، وذلك المصير إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وقوله: { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ } يقول تعالى ذكره: علمت نفس عند ذلك ما أَحضرت من خير، فتصير به إلى الجنة، أو شرّ فتصير به إلى النار، يقول: يتبين له عند ذلك ما كان جاهلاً به، وما الذي كان فيه صلاحه من غيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ } من عمل، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وإلى هذا جرى الحديث. وقوله: { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ } جواب لقوله:إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } وما بعدها، كما يقال: إذا قام عبد الله قعد عمرو.

السابقالتالي
2 3 4