الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ }

يقول تعالـى ذكره: واذكروا أيها القوم { إذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَـيْنِ } يعنـي: إحدى الفرقتـين، فرقة أبـي سفـيان بن حرب والعير، وفرقة الـمشركين الذين نفروا من مكة لـمنع عيرهم. وقوله: { أنَّها لَكُمْ } يقول: إن ما معهم غنـيـمة لكم. { وَتَوَدُّونَ أنَّ غيرَ ذَاتِ الشَّوْكَة تَكُونُ لَكُمْ } يقول: وتـحبون أن تكون تلك الطائفة التـي لـيست لها شوكة، يقول: لـيس لها حدّ ولا فـيها قتال أن تكون لكم، يقول: تودّون أن تكون لكم العير التـي لـيس فـيها قتال لكم دون جماعة قريش الذين جاءوا لـمنع عيرهم الذين فـي لقائهم القتال والـحرب. وأصل الشوكة من الشوك. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك. حدثنا علـيّ بن نصر، وعبد الوارث بن عبد الصمد، قالا: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا أبـان العطار، قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة: أن أبـا سفـيان أقبل ومن معه من ركبـان قريش مقبلـين من الشأم، فسلكوا طريق الساحل فلـما سمع بهم النبـيّ صلى الله عليه وسلم ندب أصحابه، وحدثهم بـما معهم من الأموال وبقلة عددهم. فخرجوا لا يريدون إلاَّ أبـا سفـيان، والركب معه لا يرونها إلاَّ غنـيـمة لهم، لا يظنون أن يكون كبـير قتال إذا رأوهم. وهي ما أنزل الله: { وتَوَدُّونَ أنَّ غيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ }. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن مسلـم الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبـي بكر، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبـير وغيرهم من علـمائنا، عن عبد الله بن عبـاس، كلّ قد حدثنـي بعض هذا الـحديث فـاجتـمع حديثهم فـيـما سقت من حديث بدر، قالوا: لـما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبـي سفـيان مقبلاً من الشأم ندب الـمسلـمين إلـيهم، وقال: " هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فـيها أمْوَالُهُمْ، فـاخْرُجُوا إلَـيْهَا لعلّ الله أنْ يُنَفِّلَكُمُوهَا " فـانتدب الناس، فخف بعضهم وثقل بعض، وذلك أنهم لـم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يـلقـى حربـاً. وكان أبو سفـيان حين دنا من الـحجاز يتـجسس الأخبـار ويسأل من لقـي من الركبـان تـخوّفـاً من الناس، حتـى أصاب خبراً من بعض الركبـان أن مـحمداً قد استنفر أصحابه لك ولعيرك، فحذر عند ذلك، واستأجر ضمضم بن عمرو الغفـاري، فبعثه إلـى مكة، وأمره أن يأتـي قريشاً يستنفرهم إلـى أموالهم ويخبرهم أن مـحمداً قد عرض لها فـي أصحابه. فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلـى مكة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي أصحابه، حتـى بلغ وادياً يقال له ذَفِرَان، فخرج منه، حتـى إذا كان ببعضه نزل وأتاه الـخبر عن قريش بـمسيرهم لـيـمنعوا عيرهم، فـاستشار النبـيّ صلى الله عليه وسلم الناس، وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال فأحسن ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن، ثم قام الـمقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض إلـى حيث أمرك الله فنـحن معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيـل لـموسى:

السابقالتالي
2 3 4 5