الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ }

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيامَةِ } فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار: { لاَ أُقْسِمُ } لا مفصولة من أقسم، سوى الحسن والأعرج، فإنه ذكر عنهما أنهما كانا يقرآن ذلك: «لأُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيامَةِ» بمعنى: أقسم بيوم القيامة، ثم أدخلت عليها لام القسم. والقراءة التي لا أستجيز غيرها في هذا الموضع «لا» مفصولة، أقسم مبتدأة على ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وقد اختلف الذين قرأوا ذلك على الوجه الذي اخترنا قراءته في تأويله، فقال بعضهم «لا» صلة، وإنما معنى الكلام: أقسم بيوم القيامة. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم بن يناق، عن سعيد بن جُبير { لا أُقْسِمُ بِيَوْم القَيامَةِ } قال: أقسم بيوم القيامة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبير { لا أُقْسِمُ } قال: أقسم. وقال آخرون منهم: بل دخلت «لا» توكيداً للكلام. ذكر من قال ذلك: سمعت أبا هشام الرفاعي يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: قوله: { لا أُقْسِمُ } توكيد للقسم كقوله: لا والله. وقال بعض نحويي الكوفة، لا ردّ لكلام قد مضى من كلام المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار، ثم ابتدىء القسم، فقيل: أقسم بيوم القيامة، وكان يقول: كلّ يمين قبلها ردّ لكلام، فلا بدّ من تقديم «لا» قبلها، ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحداً، واليمين التي تستأنف، ويقول: ألا ترى أنك تقول مبتدئاً: والله إن الرسول لحقّ وإذا قلت: لا والله إن الرسول لحقّ فكأنك أكذبت قوماً أنكروه. واختلفوا أيضاً في ذلك، هل هو قسم أم لا؟ فقال بعضهم: هو قسم أقسم ربنا بيوم القيامة، وبالنفس اللوّامة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم، عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: ممن أنت؟ فقلت: من أهل العراق، فقال: أيهم؟ فقلت: من بني أسد، فقال: من حريبهم، أو ممن أنعم الله عليهم؟ فقلت: لا بل ممن أنعم الله عليهم، فقال لي: سل، فقلت: لا أقسم بيوم القيامة، فقال: يقسم ربك بما شاء من خلقه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { لا أقْسِمُ بِيَوْم القِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بالنَّفْس اللَّوَامَةِ } قال: أقسم بهما جميعاً. وقال آخرون: بل أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوّامة. وقال: معنى قوله: { وَلا أُقْسِمُ بالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } ولست أقسم بالنفس اللوّامة. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن: أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوّامة.

السابقالتالي
2 3 4