الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً }

يقول تعالى ذكره: { وَاذْكُرْ } يا محمد { اسْمَ رَبِّكَ } فادعه به { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } يقول: وانقطع إليه انقطاعاً لحوائجك وعبادتك دون سائر الأشياء غيره وهو من قولهم: تبتَّلتُ هذا الأمر ومنه قيل لأمّ عيسى بن مريم البتول، لانقطاعها إلى الله ويقال للعابد المنقطع عن الدنيا وأسبابها إلى عبادة الله: قد تبتل ومنه الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن التبتُّل». وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص له إخلاصاً. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى، عن ابن أبي نجيح، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص له إخلاصاً. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص له إخلاصاً. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: أخْلِصْ إليه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص إليه إخلاصاً. حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي يحيى المكي، في قوله { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص إليه إخلاصاً. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص إليه المسألة والدعاء. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن أشعث، عن الحسن، في قوله: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: بَتِّل نفسك واجتهد. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } يقول: أخلص له العبادة والدعوة. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنحوه. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أخلص إليه إخلاصاً. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } قال: أي تفرّغ لعبادته، قال: تبتل فحبذا التبتل إلى الله، وقرأ قول الله: فإذَا فَرَغْتَ فانْصَبْ قال: إذا فرغت من الجهاد فانصب في عبادة اللهوَإلى رَبِّكَ فارْغَبْ } وقوله: { رَبُّ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ } اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة بالرفع على الابتداء، إذ كان ابتداء آية بعد أخرى تامة.

السابقالتالي
2