الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

الوزن: مصدر من قول القائل: وَزَنْت كذا وكذا، أَزِنُه وَزْناً وزَنةً، مثل: وَعَدْته أَعِدُه وَعْداً وعِدَةً، وهو مرفوع بالحقّ، والحقّ به. ومعنى الكلام: والوزن يوم نسأل الذين أُرسل إليهم والمرسلين، الحقّ. ويعني بالحقّ: العدل. وكان مجاهد يقول: الوزن في هذا الموضع: القضاء. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: والوزن يومئذٍ: القضاء. وكان يقول أيضاً: معنى الحقّ ههنا: العدل. ذكر الرواية بذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن مجاهد: { والوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَق } قال العدل. وقال آخرون: معنى قوله: { والوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ } وزن الأعمال. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: { والوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ } توزن الأعمال. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: { وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ } قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب، فلا يزن جناح بعوضة. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ } قال: قال عبيد بن عمير: يؤتى بالرجل الطويل العظيم، فلا يزن جناح بعوضة. حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا يوسف بن صهيب، عن موسى، عن بلال بن يحيى، عن حذيفة، قال: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، قال: يا جبريل زن بينهم، فرُدَّ على المظلوم، وإن لم يكن له حسنات حُمِل عليه من سيئات صاحبه فيرجع الرجل عليه مثل الجبال، فذلك قوله: { والوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ }. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } فقال بعضهم: معناه: فمن كثرت حسناته. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن مجاهد: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } قال: حسناته. وقال آخرون: معنى ذلك: فمن ثقلت موازينه التي توزن بها حسناته وسيئاته، قالوا: وذلك هو الميزان الذي يعرفه الناس، له لسان وكفتان. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قال لي عمرو بن دينار: قوله: { والوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ } قال: إنا نرى ميزاناً وكفتين، سمعت عبيد بن عمير يقول: يجعل الرجل العظيم الطويل في الميزان، ثم لا يقوم بجناح ذباب. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي القول الذي ذكرناه عن عمرو بن دينار من أن ذلك: هو الميزان المعروف الذي يوزن به، وأن الله جلّ ثناؤه يزن أعمال خلقه الحسنات منها والسيئات، كما قال جلّ ثناؤه: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } موازين عمله الصالح، { فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ } يقول: فأولئك هم الذين ظفروا بالنجاح وأدركوا الفوز بالطلبات، والخلود والبقاء في الجنات، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:

السابقالتالي
2 3