يعني بقوله: { أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبّي }: أؤدّي ذلك إليكم أيها القوم. { وأنا لَكُمْ ناصِحٌ }: يقول: وأنا لكم في أمري إياكم بعبادة الله دون ما سواه من الأنداد والآلهة، ودعائكم إلى تصديقي فيما جئتكم به من عند الله، ناصحٌ، فاقبلوا نصيحتي، فإني أمين على وحي الله وعلى ما ائتمنني الله عليه من الرسالة، لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدّل، بل أبلغ ما أمرت به كما أمرت. { أوَ عَجِبْتُمْ أنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ على رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } يقول: أَوَ عجبتم أن أنزل الله وحيه بتذكيركم وعظتكم على ما أنتم عليه مقيمون من الضلالة، على رجل منكم، لينذركم بأس الله ويخوّفكم عقابه. { وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْم نُوحٍ } يقول: فاتقوا الله في أنفسكم، واذكروا ما حلّ بقوم نوح من العذاب إذ عَصَوا رسولهم وكفروا بربهم، فإنكم إنما جعلكم ربكم خلفاء في الأرض منهم، لما أهلكهم أبدلكم منهم فيها، فاتقوا الله أن يحل بكم نظير ما حلّ بهم من العقوبة فيهلككم ويبدل منكم غيركم، سنته في قوم نوح قبلكم على معصيتكم إياه وكفركم به. { وَزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَسْطَةً }: زاد في أجسامكم طولاً وعِظَماً على أجسام قوم نوح، وفي قَوامكم على قَوامهم، نعمة منه بذلك عليكم، فاذكروا نعمه وفضله الذي فضَّلكم به عليهم في أجسامكم وقَوامكم، واشكروا الله على ذلك بإخلاص العبادة له وترك الإشراك به وهجر الأوثان والأنداد. { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يقول: كي تفلحوا، فتدركوا الخلود والبقاء في النعيم في الآخرة، وتنجحوا في طلباتكم عنده. وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: { وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْم نُوحٍ } قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } يقول: ذهب بقوم نوح واستخلفكم من بعدهم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: { وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ }: أي ساكني الأرض بعد قوم نوح. وبنحو الذي قلنا أيضاً قالوا في تأويل قوله { بَسْطَةً }.ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَسْطَةً } قال: ما لقوام قوم عاد. وأما الآلاء فإنها جمع، واحدها: «إِلَى» بكسر الألف في تقدير مِعَى، ويقال: «أَلَى» في تقدِير قَفَا بفتح الألف. وقد حُكي سماعاً من العرب إلْيٌ مِثْل حِسْيٍ. والآلاء: النعم. وكذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فاذْكُرُوا آلاء اللّهِ } أي نعم الله.