الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

يقول تعالى ذكره: وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وصف صفتهم وأخبر أنهم أصحاب الجنة، ما فيها من حقد وغل وعداوة كان من بعضهم في الدنيا على بعض، فجعلهم في الجنة إذْ أدخلَهموها على سرر متقابلين، لا يحسد بعضهم بعضاً على شيء خصّ الله به بعضهم وفضله من كرامته عليه، تجري من تحتهم أنهار الجنة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك: { وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلّ } قال: العداوة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن بشير، عن قتادة: { وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورهِمْ مِنْ غِلّ } قال: هي الإحِنُ. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن، عن عليّ، قال: فينا والله أهل بدر نزلت:وَنَزَعْنا ما فِي صُدورِهِمْ مِنْ غِلّ إخْوَاناً على سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ } حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن إسرائيل، قال: سمعته يقول: قال عليّ عليه السلام: فينا والله أهل بدر نزلت:وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلّ إخْوَاناً على سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ } حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: قال عليّ رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: { وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلّ } رضوان الله عليهم. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَنَزَعْنا ما فِي صُدورِهِمْ مِنْ غِلّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنهَارُ } قال: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة، فبلغوا، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غلّ، فهو الشراب الطهور. واغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم يشعثوا ولم يتسخوا بعدها أبداً. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: يحبس أهل الجنة دون الجنة حتى يُقْضَى لبعضهم من بعض، حتى يدخلوا الجنة حين يدخلونها ولا يطلب أحد منهم أحداً بقلامة ظفر ظلَمها إياه ويحبس أهل النار دون النار حتى يقضى لبعضهم من بعض، فيدخلون النار حين يدخلونها ولا يطلب أحد منهم أحداً بقلامة ظفر ظلمها إياه. القول في تأويل قوله تعالى: { وَقَالوُا الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانا لِهَذَا وَما كُنَّا لنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هَدَانا اللّهُ }. يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الذين وصف جلّ ثناؤه وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات حين أدخلوا الجنة، ورأوا ما أكرمهم الله به من كرامته، وما صُرف عنهم من العذاب المهين الذي ابتلي به أهل النار بكفرهم بربهم وتكذيبهم رسله: { الحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانا لِهَذَا } يقول: الحمد لله الذي وفَّقنا للعمل الذي أكسبنا هذا الذي نحن فيه من كرامة الله وفضله وصرف عذابه عنا.

السابقالتالي
2 3