الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

يقول تعالـى ذكره: { هُوَ الَّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ }. يعنـي بـالنفس الواحدة: آدم كما: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن رجل، عن مـجاهد: { خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } قال: آدم علـيه السلام. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { هُوَ الَّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } من آدم. ويعنـي بقوله: { وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها }: وجعل من النفس الواحدة، وهو آدم، زوجها حوّاء كما: حدثنـي بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها }: حوّاء، فجُعلت من ضِلَع من أضلاعه لـيسكن إلـيها. ويعنـي بقوله: { لِـيَسْكُنَ إلَـيْها }: لـيأوى إلـيها لقضاء الـحاجة ولذّته. ويعنـي بقوله: { فَلَـمَّا تَغَشَّاها } فلـما تدثرها لقضاء حاجته منها فقضى حاجته منها، { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } وفـي الكلام مـحذوف ترك ذكره استغناء بـما ظهر عما حذف، وذلك قوله: { فَلَـمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ } وإنـما الكلام: فلـما تغشاها فقضى حاجته منها حملت. وقوله: { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } يعنـي بخفة الـحمل: الـماء الذي حملته حوّاء فـي رحمها من آدم أنه كان حملاً خفـيفـاً، وكذلك هو حمل الـمرأة ماء الرجل خفـيف علـيها. وأما قوله: { فَمَرَّتْ بِهِ } فإنه يعنـي: استـمرّت بـالـماء: قامت به وقعدت، وأتـمت الـحمل. كما: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبـي عمير، عن أيوب، قال: سألت الـحسن عن قوله: { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً فَمَرَّتْ بِهِ } قال: لو كنت امرأً عربـيًّا لعرفت ما هي، إنـما هي: فـاستـمرّت به. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فَلَـمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا فَمَرَّتْ بِهِ } استبـان حملها. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { فَمَرتْ بِهِ } قال: استـمرّ حملها. حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قوله: { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } قال: هي النطفة. وقوله { فَمَرتْ بِهِ } يقول: استـمرّت به. وقال آخرون: معنى ذلك: فشكّت فـيه. ذكر من قال ذلك. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { فَمَرَّتْ بِهِ } قال: فشكت أحملت أم لا. ويعنـي بقوله: { فَلَـمَّا أثْقَلَتْ } فلـما صار ما فـي بطنها من الـحمل الذي كان خفـيفـاً ثقـيلاً ودنت ولادتها، يقال منه: أثقلت فلانة إذا صارت ذات ثقل بحملها كما يقال: أتـمر فلان: إذا صار ذا تـمر. كما: حدثنـي موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { فَلَـمَّا أثْقَلَتْ }: كبر الولد فـي بطنها. قال أبو جعفر: { دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُما } ، يقول: نادى آدم وحوّاء ربهما وقالا: يا ربنا لئن آتـيتنا صالـحاً لنكوننَّ من الشاكرين.

السابقالتالي
2