الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ }

يقول تعالـى ذكره: شهدنا علـيكم أيها الـمقرّون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القـيامة: إنا كنا عن هذا غافلـين، إنا كنا لا نعلـم ذلك وكنا فـي غفلة منه، أو تقولوا: { إنَّـمَا أشْرَكَ آبـاؤُنا مِنْ قَبْلُ وكُنَّا ذُرّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ } اتبعنا منهاجهم { أفَتُهْلِكُنا } بإشراك من أشرك من آبـائنا، واتبـاعنا منهاجهم علـى جهل منا بـالـحقّ؟ ويعنـي بقوله { بـمَا فَعَلَ الـمُبْطِلُونَ }: بـما فعل الذين أبطلوا فـي دعواهم إلها غير الله. واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأه بعض الـمكيـين والبصريـين: «أن يقولوا» بـالـياء، بـمعنى: شهدنا لئلا يقولوا علـى وجه الـخبر عن الغيب. وقرأ ذلك عامَّة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة: { أن تَقُولوا } بـالتاء علـى وجه الـخطاب من الشهود للـمشهود علـيهم. والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان صحيحتا الـمعنى متفقتا التأويـل وإن اختلفت ألفـاظهما، لأن العرب تفعل ذلك فـي الـحكاية، كما قال الله:لَتُبَـيِّنُنَّهُ للنَّاس } و«لـيبـيننه»، وقد بـينا نظائر ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته.