الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا مـحمد إذ اقتلعنا الـجبل، فرفعناه فوق بنـي إسرائيـل، كأنه ظلة غمام من الظلام، وقلنا لهم: خذوا ما آتـيناكم بقوّة من فرائضنا، وألزمناكم من أحكام كتابنا، فـاقبلوه، واعملوا بـاجتهاد منكم فـي أدائه من غير تقصير ولا توان. { واذْكُرُوا ما فِـيهِ } يقول ما فـي كتابنا من العهود والـمواثـيق التـي أخذنا علـيكم بـالعمل بـما فـيه. { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يقول: كي تتقوا ربكم، فتـخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتـم ما أخذ علـيكم فـيه من الـمواثـيق. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ } فقال لهم موسى: خذوا ما آتـيناكم بقوّة يقول: من العمل بـالكتاب وإلا خرّ علـيكم الـجبل، فأهلككم فقالوا: بل نأخذ ما آتانا الله بقوّة ثم نكثوا بعد ذلك. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ عن ابن عبـاس، قوله: { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ } فهو قوله: { وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِـمِيثاقِهِمْ } فقال: { خُذُوا مَا آتَـيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ } ، وإلا أرسلته علـيكم. حدثنـي إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، عن ابن عبـاس، قال: إنـي لأعلـمُ خـلق الله لأيّ شيء سجدت الـيهود علـى حرف وجوههم، لـما رفع الـجبل فوقهم سجدوا وجعلوا ينظرون إلـى الـجبل مخافة أن يقع علـيهم، قال: فكانت سجدة رضيها الله، فـاتـخذوها سنة. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا عبد الأعلـى، قال: ثنا داود، عن عامر، عن ابن عبـاس، مثله. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَـيْناكُمْ بِقُوَّةٍ }: أي بجدّ. { واذْكُرُوا ما فِـيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } جبل نزعه الله من أصله ثم جعله فوق رءوسهم، فقال: لتأخذنّ أمري، أو لأرمينَّكم به حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مـجاهد: { وَإذْ نَتَقْنا الـجَبَلَ } قال: كما تنتق الزّبدة. قال ابن جريج: كانوا أبوا التوراة أن يقبلوها أو يؤمنوا بها. { خُذُوا ما آتَـيْناكُمْ بِقُوَّةٍ } قال: يقول: لتؤمننّ بـالتوراة ولتقبلنها، أو لـيقعن علـيكم حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر بن عبد الله، قال: هذا كتاب الله أتقبلونه بـما فـيه، فإن فـيه بـيان ما أحلّ لكم وما حرّم علـيكم وما أمركم وما نهاكم. قالوا: انشر علـينا ما فـيها، فإن كانت فرائضها يسيرة وحدودها خفـيفة قبلناها قال: اقبلوها بـما فـيها قالوا: لا، حتـى نعلـم ما فـيها كيف حدودها وفرائضها.

السابقالتالي
2