الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى قوله: { لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } من قِبَل الآخرة، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من قِبَل الدنيا، { وَعَنْ أيمَانِهِمْ } من قِبَل الحق، { وَعَنْ شَمائِلهمْ } من قِبَل الباطل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { ثُمَّ لآَتِيَّنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } يقول: أشككهم في آخرتهم، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في دنياهم { وَعَنْ أيمانِهِمْ } أشبه عليهم أمر دينهم، { وَعنْ شَمائِلِهِمْ } أشهِّي لهم المعاصي. وقد رُوي عن ابن عباس بهذا الإسناد في تأويل ذلك خلاف هذا التأويل، وذلك ما: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } يعني من الدنيا، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من الآخرة، { وَعَنْ أيمَانِهِمْ } من قِبَل حسناتهم، { وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } من قِبَل سيئاتهم. وتحقق هذه الرواية الأخرى التي: حدثني بها محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفهِم وعن أيمانهم وَعَنْ شَمائِلِهمْ } قال: ما بين أيديهم فمن قبلهم أما ومن خلفهم فأمر آخرتهم وأما عن أيمانهم: فمن قِبَل حسناتهم وأما عن شمائلهم: فمن قِبَل سيئاتهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِم }... الآية، أتاهم من بين أيديهم، فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدنيا، فزينها لهم ودعاهم إليها وعن أيمانهم: من قِبَل حسناتهم بطَّأهم عنها وعن شمائلهم: زيَّن لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من كلّ وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله. وقال آخرون: بل معنى قوله: { مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } من قِبَل دنياهم، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من قبَل آخرتهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } قال: { من بين أيديهم } من قِبَل دنياهم { ومن خلفهم } من قِبَل آخرتهم. { وَعَنْ أيمانِهِمْ } من قِبَل حسناتهم، { وَعَنْ شَمائِلِهِمْ }: من قبل سيئاتهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن الحكم: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمَانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } قال: { من بين أيديهم }: من دنياهم { ومن خلفهم }: من آخرتهم { وعن أيمانهم }: من حسناتهم { وعن شمائلهم }: من قِبَل سيئاتهم. حدثنا سفيان، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن الحكم: { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } قال: من قِبل الدنيا يزينها لهم { ومن خلفهم } من قِبَل الآخرة يبطِّئهم عنها { وعن أيمانهم }: من قِبَل الحقّ يصدّهم عنه { وعن شمائلهم } من قِبَل الباطل يرغبهم فيه، ويزينه لهم.

السابقالتالي
2