يقول تعالـى ذكره: وكتبنا لـموسى فـي ألواحه. وأدخـلت الألف واللام فـي «الألواح» بدلاً من الإضافة، كما قال الشاعر:
والأحْلامُ غيرُ عَوَازِبُ
وكما قال جلّ ثناؤه { فإنَّ الـجَنَّةَ هِيَ الـمَأْوَى } يعنـي: هي مأواه. وقوله: { مِنْ كُلّ شَيْءٍ } يقول من التذكير والتنبـيه علـى عظمة الله وعزّ سلطانه. { مَوْعِظَةً } لقومه ومن أمر بـالعمل بـما كتب فـي الألواح. { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } يقول: وتبـيـينا لكلّ شيء من أمر الله ونهيه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد أو سعيد بن جبـير وهو فـي أصل كتابـي، عن سعيد بن جبـير فـي قول الله: { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال: ما أمروا به ونهوا عنه. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، بنـحوه. حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } من الـحلال والـحرام. حدثنـي الـحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعد، قال: سمعت مـجاهدا يقول فـي قوله: { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال: ما أمروا به ونُهوا عنه. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال عطية: أخبرنـي ابن عبـاس أن موسى صلى الله عليه وسلم لـما كربه الـموت قال: هذا من أجل آدم، قد كان الله جعلنا فـي دار مثوى لا نـموت، فخطأ آدم أنزلنا ههنا فقال الله لـموسى: أبعث إلـيك آدم فتـخاصمه؟ قال: نعم. فلـما بعث الله آدم، سأله موسى، فقال أبونا آدم علـيهما السلام: يا موسى سألت الله أن يبعثنـي لك قال موسى: لولا أنت لـم نكن ههنا. قال له آدم: ألـيس قد آتاك الله من كلّ شيء موعظة وتفصيلاً؟ أفلست تعلـم أنه ما أصَابَ فـي الأرْضِ من مُصِيَبةٍ ولا فـي أنْفُسِكُمْ إلا فـي كِتَابٍ مِنْ قَبْل أنْ نَبْرَأَهَا؟ قال موسى: بلـى. فخصمه آدم صلـى الله علـيهما. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبـاً يقول فـي قوله: { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال: كتب له لا تشرك بـي شيئاً من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كلّ ذلك خـلقـي، ولا تـحلف بـاسمي كاذبـاً، فإن من حلف بـاسمي كاذبـاً فلا أزكيه، ووقّر والديك.