الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ }

يقول تعالى ذكره: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلاً طارق من أمر الله وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلاً، ولا يكون نهاراً، وقد يقولون: أطفت بها نهاراً. وذكر الفرّاء أن أبا الجرّاح أنشده:
أطَفْتُ بِها نَهاراً غَيْرَ لَيْلٍ   وألْهَى رَبَّها طَلَبُ الرّخالِ
والرِّخال: هي أولاد الضأن الإناث. وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كريب، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس، عن الطوَفان { فَطافَ عَلَيْها طائفٌ مِنْ رَبِّكَ } قال: هو أمر من أمر الله. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { فَطافَ عَلَيْها طائفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ } قال: طاف عليها أمر من أمر الله وهم نائمون. وقوله: { فأصْبَحَتْ كالصَّرِيمِ } اختلف أهل التأويل في الذي عُنِي بالصريم، فقال بعضهم: عُني به الليل الأسود، وقال بعضهم: معنى ذلك: فأصبحت جنتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له سليمان عن ابن عباس، في قوله: { فأصْبَحَتْ كالصَّرِيمِ } قال: الصَّريم: الليل. قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه الله.
ألا بَكَرَتْ وَعاذِلَتِي تَلُومُ   تُهَجِّدُنِي ومَا انْكَشَفَ الصَّرِيمُ
وقال أيضاً:
تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البَهِيـمُ   فَمَا يَنْجابُ عَنْ صُبْحٍ صَريم
إذَا ما قُلْتَ أقْشَعَ أوْ تناهَى   جَرَتْ مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ غُيُومُ
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضَرَوان من صنعاء على ستة أميال.