الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد لحجاجك الذي تحاجّ به قومك وخصومتك إياهم في آلهتهم وما تراجعهم فيها، مما نلقيه إليك ونعلمكه من البرهان، والدلالة على باطل ما عليه قومك مقيمون وصحة ما أنت عليه مقيم من الدين وحقية ما أنت عليهم محتج، حجاجَ إبراهيم خليلي قومه، ومراجعته إياهم في باطل ما كانوا عليه مقيمين من عبادة الأوثان، وانقطاعه إلى الله والرضا به والياً وناصراً دون الأصنام فاتخِذْهُ إماماً واقْتَدِ به، واجعل سيرته في قومك لنفسك مثالاً، إذ قال لأبيه مفارقاً لدينه وعائباً عبادته الأصنام دون بارئه وخالقه: يا آزر. ثم اختلف أهل العلم في المعنيّ بآزر، وما هو؟ اسم أم صفة؟ وإن كان اسماً، فمن المسمى به؟ فقال بعضهم: هو اسم أبيه. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ } قال: اسم أبيه آزر. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثني محمد بن إسحاق، قال: آزر: أبو إبراهيم. وكان فيما ذكر لنا والله أعلم رجلاً من أهل كُوثَى، من قرية بالسواد، سواد الكوفة. حدثني ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز يذكر، قال: هو آزر، وهو تارح، مثل إسرائيل ويعقوب. وقال آخرون: إنه ليس أبا إبراهيم. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن حميد وسفيان بن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، قال: ليس آزر أبا إبراهيم. حدثني الحرث، قال: ثني عبد العزيز، قال: ثنا الثوريّ، قال: أخبرني رجل، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: { وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لأَبيهِ آزَرَ } قال: آزر لم يكن بأبيه إنما هو صنم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: آزر: اسم صنم. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: { وَإذْ قالَ إبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ } قال: اسم أبيه. ويقال: لا، بل اسمه تارح، واسم الصنم آزر يقول: أتتخذ آزر أصناماً آلهة. وقال آخرون: هو سبّ وعيب بكلامهم، ومعناه: معوجّ. كأنه تأوّل أنه عابه بزيغه واعوجاجه عن الحقّ. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: { وَإذْ قالَ إبْرَاهِيمُ لأَبيهِ آزَرَ } بفتح «آزر» على إتباعه الأب في الخفض، ولكنه لما كان اسماً أعجمياً فتحوه إذ لم يجرُّوه وإن كان في موضع خفض. وذكر عن أبي يزيد المديني والحسن البصري أنهما كانا يقرآن ذلك: «آزرُ»، بالرفع على النداء، بمعنى: «يا آزرُ».

السابقالتالي
2