الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ذر هؤلاء الذين اتخذوا دين الله وطاعتهم إياه لعباً ولهواً، فجعلوا حظوظهم من طاعتهم إياه اللعب بآياته واللهو والاستهزاء بها إذا سمعوها وتليت عليهم، فأعرض عنهم، فإني لهم بالمرصاد، وإني لهم من وراء الإنتقام منهم والعقوبة لهم على ما يفعلون وعلى اغترارهم بزينة الحياة الدنيا ونسيانهم المعاد إلى الله تعالى والمصير إليه بعد الممات. كالذي: حدثني محمد بن عروة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله الله: { وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبا ولَهْواً } قال: كقوله:ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وقد نسخ الله تعالى هذه الآية بقوله:فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } وكذلك قال عدد من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا همام بن يحيى، عن قتادة: { وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً ولَهْواً } ثم أنزل في سورة براءة، فأمر بقتالهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبدة بن سليمان، قال: قرأت علي ابن أبي عروبة، فقال: هكذا سمعته من قتادة: { وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً ولَهْواً } ثم أنزل الله تعالى ذكره براءة، وأمر بقتالهم، فقال:فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } وأما قوله: { وَذَكِّر بِهِ أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ } فإنه يعني به: وذكر يا محمد بهذا القرآن هؤلاء المولين عنك وعنه { أن تُبْسَل نَفْسٌ } بمعنى: أن لا تبسل، كما قال:يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أنْ تَضِلُّوا } بمعنى: أن لا تضلوا. وإنما معنى الكلام: وذكر به ليؤمنوا ويتبعوا ما جاءهم من عند الله من الحقّ، فلا تُبْسَل أنفسهم بما كسبت من الأوزار ولكن حذفت «لا» لدلالة الكلام عليها. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ } فقال بعضهم: معنى ذلك: أن تُسْلَم. ذكر من قال ذلك: حدثنا حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحويّ، عن عكرمة، قوله: { أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ } قال: تسلم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: { أنْ لا تُبْسَلَ نَفْسٌ } قال: أن تُسْلَم. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الحسن، مثله. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: { أنْ تُبْسَلَ } قال: تسلم. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ } قال: تسلم.

السابقالتالي
2 3