الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: انظر يا محمد فاعلم كيف كذب هؤلاء المشركون العادلون بربهم الأوثان والأصنام في الآخرة، عند لقاء الله على أنفسهم بقيلهم: والله يا ربنا ما كنا مشركين، واستعملوا هنالك الأخلاق التي كانوا بها متخلقين في الدنيا من الكذب والفرية. ومعنى النظر في هذا الموضع: النظر بالقلب لا النظر بالبصر، وإنما معناه: تبين، فاعلم كيف كذبوا في الآخرة. وقال: «كذبوا»، ومعناه: يكذبون، لأنه لما كان الخبر قد مضى في الآية قبلها صار كالشيء الذي قد كان ووجد. { وضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ } يقول: وفارقهم الأنداد والأصنام وتبرّءوا منها، فسلكوا غير سبيلها لأنها هلكت، وأعيد الذين كانوا يعبدونها اجتزاء، ثم أخذوا بما كانوا يفترونه من قيلهم فيها على الله وعبادتهم إياه وإشراكهم إياها في سلطان الله، فضلّت عنهم، وعوقب عابدوها بفريتهم. وقد بينا فيما مضى أن معنى الضلال: الأخذ على غير الهدى. وقد ذكر أن هؤلاء المشركين يقولون هذا القول عند معاينتهم سعة رحمة الله يومئذٍ. ذكر الرواية بذلك. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن مطرف، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: أتى رجل ابن عباس، فقال: قال الله:وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } وقال في آية أخرىولا يكتمون الله حديثا } قال ابن عباس: أما قولهوالله رَبِّنا ما كنا مشركين } فإنه لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلاَّ أهل الإسلام فقالوا: تعالو لنجحدقالُوا وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهموَلا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثا } حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى:وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } قال: قول أهل الشرك حين رأوا الذنوب تغفر، ولا يغفر الله لمشرك، انظر كيف كذبوا على أنفسهم بتكذيب الله إياهم. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله:وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } ثم قال: ولا يَكْتُمونَ الله حَدِيثاً بجوارحهم. حدثنا ابن وكيع، قال ثنا أبي، عن حمزة الزيات، عن رجل يقال له هشام، عن سعيد بن جبير:ثُمّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلاَّ أنْ قالُوا وَاللّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ } قال: حلفوا واعتذروا، قالوا: والله ربنا. حدثني المثنى، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن سعيد بن جبير، قال: أقسموا واعتذروا: والله ربنا. حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن حمزة الزيات، عن رجل يقال له هشام، عن سعيد بن جبير بنحوه.

السابقالتالي
2