الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }

يعني تعالى ذكره بقوله: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } أن الله الذي خلق السموات والأرض، وأظلم ليلهما وأنار نهارهما، فكفر به مع إنعامه عليهم الكافرون، وعدلوا به من لا ينفعهم ولا يضرّهم. هو الذي خلقكم أيها الناس من طين وإنما يعني بذلك تعالى ذكره أن الناس وَلَدُ مَن خَلَقه من طين، فأخرج ذلك مخرج الخطاب لهم، إذ كانوا وَلَدَه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } بدء الخلق خلق الله آدم من طين. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } قال: هو آدم. حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: أما خَلَقكم من طين: فآدم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، قال: خلق آدم من طين، وخلق الناس من سلالة من ماء مهين. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ } قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم حين أخذنا من ظهره. القول في تأويل قوله تعالى: { ثُمَّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ }. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى قوله: { ثُمَّ قَضَى أجَلاً }: ثم قضى لكم أيها الناس أجلاً، وذلك ما بين أن يُخلق إلى أن يموت وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، وهناد بن السريّ، قالا: ثنا وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي بكر الهذليّ، عن الحسن، في قوله: { قَضَى أجَلاً } قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت. { وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ثُمَّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } كان يقول: أجلَ حياتك إلى أن تموت وأجَل موتك إلى أن تبعث، فأنت بين أجلين من الله تعالى. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم: { قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } قال: قضى أجل الموت، وكلّ نفس أجلها الموت. قال: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إذَا جَاءَ أجَلُها. { وأجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ } يعني: أجل الساعة ذهاب الدنيا والإفضاء إلى الله. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا وعنده الآخرة.

السابقالتالي
2 3